التحسينات الهندسية في الطائرات :
أجريت خلال فترة الثلاثينيات من القرن العشرين العديد من التحسينات الهندسية، جعلت من الممكن للطائرات أن تكون أكبر
حجما، وأن تطير بسرعات أكبر، ولمسافات أبعد، ولارتفاعات أعلى، وأن تنقل حمولات أثقل. واستطاع المهندسون استنادا إلى
التقدم في علم الديناميكا الهوائية أن يجعلوا طائراتهم أكثر انسيابية بدرجة تجعلها تشق طريقها خلال الهواء بيسر.
واجه الطيارون والركاب مشكلة صعوبة التنفس بسبب تناقص الهواء عند الارتفاعات العالية. لذلك، صمم المهندسون الُقمرات
المضبوطة الضغط التي جعلت التنفس عند ارتفاع 9,000 م بنفس سهولته عند ارتفاع 2,000 م. كذلك قاموا بتصميم المراوح
التي يمكن التحكم في مقدار خطوتها مما سمح للطيارين بإعادة ضبط وضع ريشة المروحة عند أفضل زاوية لها عند كل
سرعة طيران. كذلك كان التحسين في معدات الاتصال اللاسلكي سببا في تمكين الطيارين من تلقي تعليمات الطيران من
المحطات الأرضية. أما الربان الآلي (أو الأوتوماتي) الطيار الجيروسكوبي فقد بدأ في العمل خلال الثلاثينيات من القرن
العشرين، وكان سببا في زيادة دقة الملاحة الجوية، وفي مساعدة الطيارين على تجنب الإرهاق الزائد خلال الرحلات الطويلة.
واسُتخدمت التحسينات الرئيسية المتاحة كافة في ذلك الوقت لتصميم واحدة من أنجح الطائرات على الإطلاق وتصنيعها، وهي
الطائرة دوجلاس دي. سي 3 الأمريكية. وقامت هذه الطائرة ثنائية المحرك بأول رحلة جوية تحمل ركابا عام 1936 م.
وهي تستطيع حمل 21 راكبا، وتطير بسلام عند سرعة تصل إلى 274 كم/ ساعة، وسرعان ما أصبحت طائرة النقل الرئيسية
لدى خطوط الطيران الكبرى في كافة أنحاء العالم. وحتى الآن، مازالت الطائرات من طراز دي. سي 3 القديمة تحمل
الركاب والبضائع في رحلات داخلية في أجزاء كثيرة من العالم.
وخلال الثلاثينيات من القرن العشرين أيضا، حملت الطائرات المائية الكثير من الركاب، واستخدمت أساسا لعبور المحيطات.
ومن أوائل الطائرات المائية التجارية، الطائرة الألمانية دورنيير دو إكس ذات الاثني عشر محر ً كا. وكانت الطلعة الأولى لهذه
الطائرة عام 1929 م، لكنها لم تحقق أي انتشار.
وفي عام 1936 م، قامت بريطانيا بتطوير الطائرات المائية التابعة للإمبراطورية البريطانية من أجل توفير خدمة النقل الجوي
بين بريطانيا والأجزاء المترامية للإمبراطورية. وآخر الطائرات المائية وأشهرها كانت الطائرة بوينج 314 كليبر التي
استطاعت حمل 74 راكبا. وفي عام 1939 م بدأت الطائرة كليبر أولى خدماتها المنتظمة للركاب عبر المحيط الأطلسي. وفي
عام 1939 م، بدأت بريطانيا في تشييد خدمة بريدية عبر شمالي الأطلسي مستخدمة الطائرات المائية للإمبراطورية. إلا أن هذه
الخدمة توقفت مع الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب، كان تطور الطائرات الأرضية لتصبح أكثر قدرة، وكذلك تطوير
المطارات وتزويدها بممرات هبوط ذات طول كاف لاستقبالها، سببا في انتهاء عصر الطائرات المائية في معظم أنحاء العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق